تُجسد قصة ماء زمزم رحمة الله وعنايته بخلقه،
فهي تذكِّر المسلمين بأن الله هو الرحمن الرحيم الذي يُعين ويُغيث عبادة الصالحين في جميع الأوقات والظروف،
ولذلك، فإن زيارة بيت الله الحرا م فى مكه المكرمه وشرب ماء زمزم يُعدُّ من افضل الشعائر الروحانية والدينية لدى المسلمين،
حيث يجدون فيهما السكينة والطمأنينة ويستشعرون رحمة الله وعنايته الإلهية بهم.
قصه بئر زمزم. |
و جاء ذكر ماء زمزم في عدّة أحاديث من سيرة النبي محمد صل الله عليه وسلم،
تروي أن هذا الماء المبارك نبع من الأرض بعدما ضرب المَلك جبريل،
بجناحه ،
لنبي الله إسماعيل (صغيرًا) وأمه هاجر،
وذلك حين نفد ما عندهما من ماء وزاد،
فقد تركهما نبي الله إبراهيم بأمر من الله في ذلك الوادي القفر الذي لا زرع فيه ولا ماء، وجهدت هاجر وأتعبها البحث ...
قصة ماء زمزم.
لما رُزق نبى الله إبراهيم
عليه السّلام بولدة اسماعيل ،
أمره الله تعالى أن يهاجر بزوجه وابنه ويضعهم في واد غير ذي زرع ،
فبادرنبى الله إبراهيم عليه السّلام إلى الامتثال لأمر الله تعالى،
فتوجه عليه السّلام بهاجر
وإسماعيل ووضعهما في بلاد الحجاز في وادٍ غير ذي زرع، تنفيذاً لأمر الله،
وعندما صل نبى الله إبراهيم عليه السلام إلى مكّة المكرّمة،
وكانت صحراء قاحله لا ماء فيها، ولا شجر، ولا بشر،
ترك إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنه إسماعيل عليه السلام، ثمّ مضى .
فقالت له هاجر:
يا إبراهيم إلى أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي لا أنس فيه ولا شيء؟
فلم يُجبها،
فأعادت عليه السؤال، فلم يلتفت إليها، ثمّ أعادت السؤال مرراً، ولكنّه لم يلتفت إليها،
فقالت: (آلله أمرك بهذا؟)
فقال:نعم،
فقالت: إذن لا يضيعنا،
ثمّ رجعت،
وذهب إبراهيم ليكمل دعوته بأمر من الله تعالى،
ولما غادرهما توجه إلى الله ودعا دعاءً خاشعاً منيباً،،
ومن الراجح أن البيت الحرام لم يكن قد بُني عندما وضع إبراهيم هاجر وإسماعيل في تلك البقعة،
وأن البلد لم يكن قد وُجد وعرف أنه سيكون في تلك البلد الحرام وبيته المُعظم الكعبة المشرّفة،
وذلك عن طريق الوحي من الله تعالى.
قال الله تعالى:
رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ.
من هو النبي الذي تفجر ماء زمزم عند قدميه؟
وما هي إلّا ساعات حتى نفد الماء،
واشتدّ الكرب على هاجر،
وبدأ إسماعيل عليه السلام يبكي بكاءً شديداً من شدّة الجوع والعطش،
وهي تصعد إلى جبل الصفا تبحث عن مغيثٍ ثمّ تعود إليه كلّما سمعت صوته،
فبينما هم على تلك الحالة وقد بلغت هاجر الجهد،
اذ ارسل الله تعالى جبريل عليه السلام فضرب الأرض بقدمه وقيل بجناحه،
فانبجست المياه تحت اقدام نبى الله اسماعيل من ذلك النبع الذي سُمِّي زمزم والذي ما يزال إلى الآن يسقي ملايين البشر حول العالم.
من فجر ماء زمزم؟
ماء زمزم هو الماء الذي نبعَ وسالَ تحت قدمَيْ نبيِّ الله إسماعيل عليه السلام،
وهو رضيعٌ مع أمِّه في مكة المكة ،
وكانت يومئذٍ جرداء قاحلة إلا من الحرارة والرمال والجفاف،
وجاءهم الفرج من الله تعالى بأن أرسل إليهم جبريل عليه السلام،
فضرب برجله الأرض، فانفجرت منها عين ماء عظيمة سُمّيت زمزم .
وجعلت هاجر تحوضه؛
أي تجعل الماء مثل الحوض، فشربت هي وإسماعيل عليهما السلام حتى شبعا .
قصة زمزم في صحيح البخاري .
قال ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ،
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
يَرْحَمُ اللهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ؛ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا.
[أي: ظاهراً جارياً على وجه الأرض] .
فبدأ تدفُّق ماء زمزم المبارك إكرامًا لآل إبراهيم عليهم السلام،
واستمرَّ حتى وقتنا الحاضر،
وإلى أن يشاء الله تعالى.
سبب تسمية زمزم بهذا الاسم .
سميت بئر زمزم بهذا الاسم وذلك لكثرة مائها،
وقيل: لاجتماعها؛ لأنه لما فاض منها الماء على وجه الأرض
قالت هاجر للماء: زم زم،
أي: اجتمع يا مبارك، فاجتمع فسميت زمزم،
وقيل: لأن هاجر زمت بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا،
فقد ضمت هاجر ماءها حين انفجرت وخرج منها الماء وساح يمينا وشمالا فمنع بجمع التراب حوله.
ولزمزم أسماء كثيرة تدل على فضلها، ومنها:
زَمْزم وزُمام، ورَكْضة جبرائيل، وهزمة جبرائيل،
وهزمة الملك، والهزمة والركضة،
وهي سقيا الله لإسماعيل عليه السلام،
والشُّباعة، وشُباعة، وبرَّة، ومضنونة، وتُكتَم، وشفاء سُقم، وطعام طُعْم، وشراب الأبرار، وطعام الأبرار، وطيّبة.
بئر زمزم قديماً.
وبسبب وجود الماء في هذا المكان المبارك بدأت تهوى الطيور إليها وبدأ هذا المكان يجذب القبائل في هذه المنطقة شيئا فشيئا،
ومن ضمنها قبائل جرهم،
ومن هنا كانت نشأة مكة المكرمة.
عندما سكنت القبائل ومنها قبيلة جرهم منطقة مكة،
وبعد فترة عندما غلبت على أمرها في نهاية أمرها على يد خزاعة،
علمت أنها ستضطر إلى الخروج من مكة،
فتملكها الغيظ وقامت بردم بئر زمزم،
ومن ثم اختفى أهم عنصر للحياة،
وهو الماء في هذه المنطقة،
فاضطر أهل مكة للبحث عن مصادر أخرى للماء،
وهذا كان بدوره أمرا شاقا نظرا لبعد الآبار الأخرى عن مكة،
وخاصة لمن يتولى سقاية الحجيج أوقات موسم الحج،
وقد تولى هذه المهمة عبد المطلب بن هاشم بعد وفاة عمه المطلب بن عبد مناف.
من حفر بئر زمزم؟
روت كتب السيرة أنه بينما كان عبد المطلب بن هاشم نائماً في حجر إسماعيل أتاه هاتف في منامه وأمره بحفر ماء زمزم من جديد وحدد له مكانه،
وبالفعل توجه بصحبة ابنه الحارث إلى المكان،
وبدآ في الحفر،
ما أثار عجب قريش وحيرتها،
ولكنه صمم على إتمام عمله وظل يحفر حتى ظهر الماء مرة أخرى من جديد،
ومنذ أن أعاد عبد المطلب حفر بئر زمزم مرة أخرى،
لم تجف أو ينقطع ماؤها حتى الآن.
هل يمكن ان ينتهي ماء زمزم؟
يعود تاريخ تدفق
مياه بئر زمزم إلى زمن نبى الله إسماعيل بن إبراهيم عليهـما السلام،
وتقع البئر شرق الكعبة المشرفة
على بعد 21 مترا،
فى صحن المطاف بالمسجد الحرام،
وسبب تسمية زمزم بهذا الاسم؛
أنه لما
خرج الماء جعلت هاجر تحوط عليه وتقول:
زمى زمى،
وفى الحديث: يرحم الله أم إسماعيل،
لو تركت زمزم لكانت عينا معينا.
و تشير الوثائق التاريخية إلى أن قدوم إسماعيل إلى مكة كان سنة مولده 1910 قبل الميلاد تقريبا وفيها ظهور زمزم،
وبيننا وبين ظهور زمزم بالتقويم الهجرى أربعة آلاف سنة تقريبا.
وهذا يطرح تساؤل حول ما أسباب عدم نضوب مياه زمزم رغم مرور آلاف السنوات عليها.
بالنسبة للتفسير العلمى للظاهرة،
يقول الدكتور عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث الأفريقية،
إن عدم النضوب فى علم الجيولوجيا يعنى أنها مياه متجددة،
والمياه الجوفية نوعين متجددة والتى ينتمى لها بئر زمزم أو غير متجددة .
وأضاف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث الأفريقية :
مضيفًا ان الخزانات الجوفية غير المتجددة يعنى أنها لا يأتى لها تغذية سواء عبر مياه الأمطار أو هناك رشح من الأنهار لها،
وعلى العكس تمامًا فإن الخزانات التى تأتى لها المياه عبر المصادر المختلفة.
وتابع شراقى حديثه، قائلاً ،
كما قلت مياه زمزم من النوع المتجدد،
ومصدر المياه يأتى لها من الأمطار التى تسقط فى منطقة مكة المكرمة،
ومكة عبارة عن منطقة جبلية،
وبها أودية منها وادى إبراهيم الذى يتواجد به بئر زمزم،
الذى يصب فى منطقة منخفضة،
وظهرت به المياه على هيئة عين،
وذلك عندما وصل منسوب المياه الجوفية إلى سطح الأرض عند قدم سيدنا إسماعيل،
وباقى التفاصيل الأخرى بحسب الرواية الدينية.
وتابع أستاذ الجيولوجيا حديثه :
بئر زمزم يستخدم منذ 4 آلاف عام،
ومازال حتى الآن،
وهذا يدفعنا للافتراض أنه لن تسقط أمطار على السعودية وسيول لمدة ألف عام قادمة فهذا يعنى أن مياه ستنضب،
لأنها ببساطة لن تتجد،
لكن بما إن الظروف المناخية مستقرة فهذا يعنى البئر مستمر حتى آلاف السنوات خصوصا أنه لا توجد مؤشرات على تغييرات مناخية حادة ،
بئر زمزم الآن.
وفي عام 2010م،
أطلق مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتعبئة وتنقية مياه زمزم آلياً بقيمة بلغت 700 مليون ريال سعودي،
حيث إن مصنع التعبئة يقع على مسافة 4.5 كيلومتر من المسجد الحرام،
ويتكون من عدة مبانٍ، تشمل مبنى ضواغط الهواء،
ومستودع عبوات المياه الخام،
ومبنى خطوط الإنتاج،
ومبنى مستودع العبوات المنتجة بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة،
بمساحة كلية للمصنع تبلغ 13405 أمتار مربعة،
وهو يغذي الحرم المكي الشريف.
كذلك، يتم نقل مياه زمزم إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي في المدينة المنورة عن طريق صهاريج مجهزة بمواصفات خاصة لحماية المياه من أي مؤثرات،
بمعدل 120 طناً يومياً،
ويرتفع في المواسم إلى 250 طناً،
ويقدم ماء زمزم في حافظات معقمة ومبردة تصل إلى 7000 حافظة مياه توزع داخل المسجد النبوي وسطحه وساحاته،
إضافة إلى نوافير الشرب الموزعة في المسجد النبوي والمرافق المحيطة به.
فوائد ماء زمزم.
1- جُعل ماء زمزم لِما شُرب له،
لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
ماءُ زمزمَ لما شُربَ له ؛
أي أنّ هذا الماء إن شُرِب لأيِّ حاجة كانت،
سواءً كانت حاجة دنيوية أو أخروية،
فإنّها تتحقّق بإذن الله تعالى،
وقد أثبت ذلك الكثير من العلماء عندما شربوه لحاجة معيّنةٍ وتحقّقت،
فكان منهم من يشربه بنيّة الإعانة على رواية الأحاديث،
وغير ذلك.
2- جعل الله تعالى ماء زمزم طعاماً وشراباً للسيّدة هاجر وابنها إسماعيل عليه السّلام،
وذلك عندما تركها زوجها إبراهيم عليه السّلام وحدها في مكّة المكّرمة،
وهذا يدلّ على أنّ الشّرب من زمزم يُغني عن الطّعام ويُشعر بالشّبع؛
لما فيه من بركات عظيمة،
ولذلك كان العرب في الجاهليّة يسمّونها "شُباعة"،
وكانوا يتسابقون عليها لسُقيا عِيالهم منها،
كما أنّه رُوي عن الصّحابي أبي ذر الغفاري أنّه أقام في مكّة المكرمة شهراً كاملاً وليس عنده ما يقتات به من طعامٍ ولا شرابٍ إلّا زمزم.
3- عدّ الله تعالى هذا الماء من أنفس المياه وأفضلها حتّى من نهر الكوثر في قولٍ لسراج الدين البلقيني رحمه الله،
ولذلك غسَلت الملائكة قلب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو صغير بماء زمزم؛
ليُطهّر به قلبه،
وليتمكّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام من رؤية ملكوت السّماوات والأرض،
وقد ورد ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن النبيّ.
4- وُصفت ماء زمزم بأوصافٍ كثيرة بالإضافة إلى وصفها بشُباعة،
- وهذه الأوصاف كلّها تُبيّن خصائصها وفضلها، فقد وُصفت بأنّها مُروِية ؛
أي أنّها تُذهب العطش وتقمعه،
ومنافعها كثيرة،
- ووُصفت بكونها "عافية وشفاء سقمٍ"؛
أي أنّ شرب ماء زمزم جعل الله تعالى فيه شفاءً من الأسقام والأوجاع،
وشاربها تستردّ له عافيته وصحّته بإذن الله كما ورد في الحديث السابق،
- وسمّيت أيضاً "بالميمونة"؛
أي المُباركة، وهي "بَرّة"؛
لأنّ شاربها يُصبح من أصحاب البرّ والإحسان.
- كما أنّها "مضنونة"؛ أي نفيسة وغالية،
ولشدّة ذلك منع الله تعالى قبيلة من العرب تُدعى جُرهم أن يشربوا منها؛
لأنّهم كانوا يعصون الله تعالى في حرم الكعبة المشرّفة،
- كما أنّها كافية لكلّ من يشربها،
وعذوبتها ليس لها مثيل،
- وتسمّى أيضاً "بهزمة جبريل"؛
وذلك لأنّ جبريل عليه السّلام ضرب الأرض ليَخرج هذا الماء الطّاهر من منبعه.
اترك تعليقك اذا كان لديك اى تساؤل عن الموضوع