تُعد الصلاة في الروضة الشريفه،
داخل المسجد النبوي الشريف،
من أبرز الأمور التي يحرص عليها زوار المدينة المنورة،
لكن يظل السؤال الأهم:
هل يختلف فضل الصلاة في الروضة الشريفه،
عن غيرها من الاماكن في المسجد النبوى؟
وما هي حدود استحباب اداء النوافل فى الروضه دون إيذاء الآخرين؟
 |
| فضل الصلاة في الروضة الشريفة. |
في هذا المقال، نستعرض الإجابة الشرعية،
لفضل الصلاة في الروضة الشريفه،
معتمدين على الأحاديث النبوية وأقوال العلماء،
بالإضافة إلى نصائح عملية لتحقيق أقصى استفادة روحانية من زيارة الروضه الشريفه.
ما هي الروضة الشريفه؟
الروضة، أو الروضة الشريفة، هي موضع في المسجد النبوي الشريف،
و تقع الروضه الشريفه بين المنبر الشريف وحجرة النبي محمد ﷺ.
والمساحه من المنبر الشريف إلى الحجرة النبويه 53 ذراعاً،
أي حوالي 26 متراً ونصف متر،
وكانت محددة بسجاد أخضر اللون مختلف عن بقية سجاد الحرم.
موقع الروضه الشريفه وحدودها.
الروضة الشريفه هي المنطقة الواقعة بين:
حجرة النبى ﷺ،
والتى تُعرف بالحجرة النبويه،
وهى حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها،
والتي تضم قبر النبي ﷺ وأبي بكر وعمر.
وتقع فى الجهه الشرقيه من المسجد النبوى الشريف.
وبين المنبر النبوي (غرباً):
حيث كان يخطب الرسول ﷺ.
وحدودها من الجهه الجنوبيه: جدار المسجد الجنوبي،
الذي يضم محراب النبي ﷺ.
ومن الشمال الخط الشمالي: الممتد من نهاية حجرة عائشة إلى المنبر.
وقد ورد في فضل الصلاه فى الروضه الشريفه الحديث الشريف:
«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ»
(رواه البخاري ومسلم).
فضل الصلاة في الروضة الشريفة.
أكد العلماء على استحباب الصلاة في الروضة الشريفة،
سواء كانت فريضة أو نافلة.
كما يُستحب الجلوس في الرروضه الشريفه للدعاء،
والذكر والاعتكاف وتلاوة القرآن الكريم،
وسائر العبادات والطاعات، وقد جاء فى فضل الروضه الشريفه عده احاديث نبويه.
الاحاديث النبويه: فى فضل الروضه الشريفه.
- الحديث الأول: عن عبد الله بن زيد المازني:
« مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ
رِيَاضِ الْجَنَّةِ ».
- الحديث الثاني: عن أبي هريرة:
« مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي، وَمَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَحُجْرَتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ».
تفسيرات العلماء لمعنى روضة من رياض الجنة.
وقد جاء في فضل الروضه الشريفه،
وبيان منزلتها حديثٌ للرسول ﷺ،
يقول فيه:
ما بين بيتي ومنبَري رَوضَةٌ من رياضِ الجنةِ.
وقد ذكر العلماء في معنى هذا الحديث الشريف عدداً من الأقوال.
1. تشبيه بجنة الأرض: أي أن العبادة فيها تُنزِّل الرحمة والسعادة كالتي في الجنة.
اى أنّه مكانٌ تتحصّل فيه السعادة والطمأنينة،
بالعبادة التي يؤديها المسلم فيها،
كما يحصل له ذلك في الجنة ورياضها.
2. طريق موصل إلى الجنة: الصلاة والدعاء فيها من أسباب الفوز بالجنة.
اى أنّ العبادة في هذا المكان المخصوص،
طريقاً لدخول الجنة ونعيمها.
3. جزء من الجنة حقيقةً: أن هذه البقعة ستنقل يوم القيامة إلى الجنة.
وقد أوضح العلماء أنّ الصلاة في الروضة الشريفة مستحبّة للإنسان المسلم،
سواءً أكانت صلاة فريضةً أم نافلةً،
وكذلك يستحبّ فيها الجلوس للدعاء،
والذكر، والاعتكاف، وقراءة القرآن،
ونحوه من العبادات والطاعات،
وذلك لما فيها من مضاعفة الأجر والثواب.
وقال ابن القاسم:
أحب مواضع الصلاة في مسجده ﷺ في النفل،
العمود المخلق،
أي في الروضة.
وفي الفروض الصف الأول .
أجرالصلاه المسجد النبوي عامةً.
ورد في الحديث الشريف:
«صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ»
(متفق عليه).
المسجد النبوى كله فيه أجر مضاعف: سواء في الروضة أو غيرها.
و الروضة لها فضل زائد في النوافل: لكنها ليست واجبة،
بل مُستحبة مع مراعاة عدم الزحام و الإيذاء.
آراء العلماء: هل تختص الصلاه فى الروضة بثواب أعلى؟
مَن صلى في أي مكان في المسجد النبوي،
كانت صلاته أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام،
سواء صلى في الروضة الشريفه أو غيرها.
لكن يُستحب الإكثار من الصلاة في الروضة الشريفة دون إيذاء أو مزاحمة،
وصلاة النفل فيها أفضل من غيرها.
ثواب الصلاة في الروضة الشريفة.
وثبت أن النبي ﷺ كان يتحرى الصلاة عند أسطوانة فيها.
فعن يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ:
كُنْتُ آتِي مَعَ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ فَيُصَلِّي عِنْدَ الأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ المُصْحَفِ،
فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ،
أَرَاكَ تَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ.
قَالَ:
فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَهَا.
رواه البخاري (502)، ومسلم (509) .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
والأسطوانة: السارية،
وهذه الأسطوانة الظاهر أنها من أساطين المسجد القديم الَّذِي يسمى الروضة.
وفي الروضة أسطوانتان،
كل منهما يقال:
أن النبي ﷺ كان يصلي إليها.
1- الأسطوانة المخلّقة، وتعرف بأسطوانة المهاجرين؛
لأن أكابرهم كانوا يجلسون إليها ويصلون عندها،
وتسمى: أسطوانه عائشة.
ويقال: إن النبي ﷺ صلى إليها المكتوبة بعد تحويل القبلة بضع عشرة يوما،
ثم تقدم إلى مصلاه اليوم.
وهي الأسطوانة الثالثة من المنبر،
والثالثة من القبلة،
والثالثة من القبر الشريف،
وهي متوسطة في الروضة.
2- وأسطوانة التوبة، وهي التي ربط فيها أبو لبابة نفسه حتى تاب الله عليه.
وقد قيل: إن رسول الله ﷺ كان إذا اعتكف في رمضان طُرح له فراشه،
ووضع سريره وراءها.
وقد روي عن عمر مولى غفرة ومحمد بن كعب،
أن أكثر نوافل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت عندها.
وهي الأسطوانة الثانية من القبر الشريف،
والثالثة من القبلة،
والرابعة من المنبر.
من "فتح الباري" لابن رجب (4/ 49).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
والأسطوانة المذكورة حقّق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسّطة في الروضة المكرمة،
وأنها تُعرف بأسطوانة المهاجرين،
قال:
وروي عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها كانت تقول:
لو عَرَفها الناس لاضطربوا عليها بالسهام،
وأنها أسرّتها إلى ابن الزبير،
فكان يُكثر الصلاة عندها.
قال: ثم وجدت ذلك في تاريخ المدينة لابن النجّار،
وزاد: أن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها،
وذكره قبله محمد بن الحسن في أخبار المدينة.
من "فتح الباري" لابن حجر (1/577).
ولهذا صرح جماعة من أهل العلم باستحباب الإكثار من الصلاة في الروضة الشريفة.
 |
| ثواب الصلاة في الروضة الشريفة. |
فضل الصلاة في الروضة الشريفة ابن باز:
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة؛
لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها،
وهو قول النبي ﷺ:
« ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة »
فضل الصلاة في الروضة ابن عثيمين:
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
وينبغي أن يتحرى الصلاة في الروضة إن تيسر له من أجل فضيلتها،
وإن لم يتيسر له صلى في أي جهة من المسجد تتيسر له،
وهذا في غير صلاة الجماعة،
أما في صلاة الجماعة فليحافظ على الصف الأول الذي يلي الإمام لأنه أفضل.
من "فتاوى ابن عثيمين" (24/ 344).
الفرق بين النوافل والفرائض:
- صلاه النافلة: هي التي لم يفرضها الله،
تسمى نافلة،
مثل صلاة الضحى، الوتر،
الرواتب، سنة الوضوء، هذه يقال لها: نافلة.
- أما صلاة الفريضة: الظهر والعصر، والمغرب،
هذه يقال لها فريضة.
- والحج الأول يسمى فريضة،
والحج الثاني للشخص يسمى نافلة.
- صوم يوم الإثنين والخميس نافلة،
صوم رمضان فريضة، وهكذا.
- النوافل: يُستحب أداؤها في الروضة لورود النصوص بفضلها.
- الفرائض: الصفوف الأولى أفضل ولو كانت خارج الروضة، عملاً بحديث:
«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ»
(متفق عليه).
نصائح عملية للصلاة في الروضة الشريفه دون إيذاء.
أ. اختيار الأوقات المناسبة:
تجنب أوقات الذروة (بعد الصلوات المفروضة).
• يُفضل الذهاب في:
- بعد الفجر.
- الليل (خاصةً في الثلث الأخير).
آداب زيارة الروضه الشريفه:
- الهدوء والسكينة: حافظ على الهدوء والسكينة داخل الروضة الشريفة، وتجنب رفع الصوت أو إزعاج الآخرين.
- الاحترام والتوقير: تعامل مع المكان باحترام وتوقير، وتجنب أي تصرفات غير لائقة.
- التركيز على العبادة: استغل وقتك في الروضة الشريفة في العبادة والدعاء وقراءة القرآن، وتجنب اللهو واللغو.
- الدعاء والتضرع: أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، واسأله ما شئت من خير الدنيا والآخرة.
- السلام على النبي صلى الله عليه وسلم: عند الوصول إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، سلم عليه بأدب واحترام.
- السلام على صاحبيه: سلم على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
- الصلاة في الروضة: صلِ ركعتين في الروضة الشريفة، او اكثرإذا ما تيسر لك، فهي سنة مؤكدة.
- قراءة القرآن: اقرأ ما تيسر من القرآن الكريم، وتدبر معانيه.
- الذكر والاستغفار: أكثر من ذكر الله تعالى والاستغفار في الروضة الشريفة.
بعد الزيارة.
- المحافظة على الآداب: حافظ على الآداب التي تعلمتها أثناء الزيارة، وطبقها في حياتك اليومية.
- شكر الله تعالى: اشكر الله تعالى على أن وفقك لزيارة الروضة الشريفة، وأكثر من حمده وشكره.
- الدعاء للمسلمين: ادعُ لجميع المسلمين، واسأل الله تعالى أن يغفر لهم ويرحمهم.
نصائح إضافية.
- الاستعداد المسبق: قبل الزيارة، اقرأ عن فضل الروضة الشريفة وآداب زيارتها، لتكون على علم بما يجب عليك فعله.
- اصطحاب كتاب دعاء: اصطحب معك كتابًا للأدعية pdf والأذكار، لتستعين به في الدعاء والذكر.
- تجنب الزحام: حاول زيارة الروضة الشريفة في الأوقات التي تكون فيها أقل ازدحامًا، لتتمكن من الاستفادة من الزيارة بشكل أفضل.
- الاستفادة من العلماء: إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات، فلا تتردد في سؤال العلماء والمختصين.
أسئلة شائعة عن الصلاة في الروضة الشريفه.
السؤال الأول: هل الأجر المضاعف (ألف صلاة) يشمل الروضة فقط؟
الجواب: الأجر يشمل كل المسجد النبوي،
لكن الروضة الشريفه تُستحب فيها صلاه النوافل.
السؤال الثاني: ماذا يقرأ في ركعتين الروضة الشريفة؟
الجواب: لا يوجد قراءة محددة أو سور معينة،
أوصى بها النبي ﷺ،
للقراءة في ركعتي الروضة الشريفة.
الأفضل للمسلم أن يصلي ركعتين بخشوع وإخلاص،
ويقرأ فيهما ما تيسر من القرآن الكريم.
و لا يوجد مانع من قراءة أي سورة أو آية في هاتين الركعتين.
الأهم هو أن يستشعر عظمة المكان وفضله،
يمكن للمسلم أن يختار بعض السور أو الآيات التي يحبها أو التي لها معنى خاص بالنسبة إليه.
السؤال الثالث: هل الروضة هي نفسها قبر الرسول؟
الروضة الشريفه هي جزء من المسجد النبوي الشريف،
وتقع بين المنبر النبوي و بيت النبي محمد ﷺ.
أما قبر النبي محمد ﷺ،
فيقع داخل حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها،
وهي جزء من المسجد النبوي أيضًا،
ولكنها ليست هي الروضة.
السوال الرابع: ماذا تفعل النساء عند دخول الروضة الشريفة؟
نظرًا للعدد الكبير من الزائرات ولضمان أداء العبادة في بيئة هادئة ومنظمة،
وضعت الجهات المعنية مجموعة من التعليمات،
التي يجب على الزائرات الالتزام بها:
- الالتزام باتجاه السير: يجب على الزائرات السير في الممرات المحددة لدخول وخروج الزائرات.
- عدم اصطحاب الأغراض الشخصية: يُمنع دخول الأحذية أو الحقائب أو أي أغراض شخصية، حرصًا على النظام وسلامة الجميع.
- الهدوء والتعاون: يُطلب من الزائرات الالتزام بالهدوء وعدم رفع الأصوات، وكذلك التعاون مع المرشدات المتواجدات في المكان.
- مدة الزيارة: يتم تخصيص مدة زمنية محددة للزائرات داخل الروضة الشريفة، والتي تبلغ 7 دقائق فقط، وذلك لتنظيم أوقات الزيارة بشكل مرن.
كيفية الصلاة في الروضة الشريفة للنساء.
عند الصلاة في الروضة الشريفة للنساء،
وجب على زائرات الروضه الشريفه،
أن يتنظفن ويتطهرن ويتجنبن الحضور بروائح كريهة.
ويُستحب أن يقدمن الرجل اليمنى عند دخول الروضه الشريفه.
وتقول: بسم الله،
والصلاة والسلام على رسول الله،
اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
أن تُصلي ركعتين تحية للمسجد،
وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل.
لقوله صلى الله عليه وسلم :
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة.
متفق عليه.
السوال الخامس: كم ركعة الصلاة في الروضة الشريفة؟
تكون من ضمن زيارتهم صلاة ركعتين في الروضة الشريفة،
يُستحب الإكثار من النوافل وقراءة القرآن.
إن لم تتمكن من أداء صلاة فرض فيها لتسابق غيره عليها.
فإذا تنفل بالركعتين،
قام وسلم على المصطفى صلى الله عليه وسلم،
وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما،
ثم انصرف لشأنه أو بقي في المسجد انتظارا لأداء الصلاة التالية.
و في الختام،
يتضح أن الصلاة في الروضة الشريفة لها فضل عظيم،
فهي جزء من المسجد النبوي الشريف الذي تُضاعف فيه الأجور،
كما أنها روضة من رياض الجنة،
مما يجعلها مكانًا مباركًا يستحب فيه الإكثار من النوافل والدعاء.
ومع ذلك، يجب على المسلمين مراعاة آداب الزيارة وتجنب إيذاء الآخرين،
والحرص على الاستفادة القصوى من هذه البقعة المباركة بالعبادة الخالصة والدعاء الخاشع.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعًا زيارة المسجد النبوي والصلاة في الروضة الشريفة،
وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
اترك تعليقك اذا كان لديك اى تساؤل عن الموضوع